وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ ﴾
نهى المؤمنين أي يتناجوا فيما بينهم كفعل المنافقين واليهود فقال :﴿ يا أيها الذين آمنوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ ﴾ أي تساررتم.
﴿ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ ﴾ هذه قراءة العامة.
وقرأ يحيى بن وثّاب وعاصم ورويس عن يعقوب "فلا تَنْتجُوا" من الانتجاء ﴿ بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَةِ الرسول وَتَنَاجَوْاْ بالبر ﴾ أي بالطاعة ﴿ والتقوى ﴾ بالعفاف عما نهى الله عنه.
وقيل : الخطاب للمنافقين ؛ أي يا أيها الذين آمنوا بزعمهم.
وقيل : أي يا أيها الذين آمنوا بموسى.
﴿ واتقوا الله الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ أي تجمعون في الآخرة.
إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠)
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا النجوى مِنَ الشيطان ﴾ أي من تزيين الشياطين ﴿ لِيَحْزُنَ الذين آمَنُواْ ﴾ إذ توهموا أن المسلمين أصيبوا في السرايا، أو إذا أجروا اجتماعهم على مكايدة المسلمين، وربما كانوا يناجون النبيّ ﷺ فيظن المسلمون أنهم ينتقصونهم عند النبيّ ﷺ ﴿ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ ﴾ أي التناجي ﴿ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ الله ﴾ أي بمشيئته وقيل : بعلمه.
وعن ابن عباس : بأمره.
﴿ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون ﴾ أي يكِلون أمرهم إليه، ويفوّضون جميع شؤونهم إلى عونه، ويستعيذون به من الشيطان ومن كل شر ؛ فهو الذي سلّط الشيطان بالوساوس ابتلاء للعبد وامتحانا ولو شاء لصرفه عنه.