وقال الآلوسى :
﴿ لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أموالهم وَلاَ أولادهم مّنَ الله شَيْئاً أُوْلَئِكَ أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون ﴾
قد سبق مثله في سورة آل عمران، وسبق الكلام فيه فمن أراده فليرجع إليه.
﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً ﴾ تقدم الكلام في نظيره غير بعيد ﴿ فَيَحْلِفُونَ لَهُ ﴾ أي لله تعالى يومئذٍ قائلين :﴿ والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [ الأنعام : ٢٣ ] ﴿ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ في الدنيا أنها مسلمون مثلكم، والتشبيه بمجرد الحلف لهم في الدنيا وإن اختلف المحلوف عليه بناءاً على ما قدمنا من سبب النزول ﴿ وَيَحْسَبُونَ ﴾ في الآخرة ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ بتلك الأيمان الفاجرة ﴿ على شَىْء ﴾ من جلب منفعة أو دفع مضرة كما كانوا عليه في الدنيا حيث كانوا يدفعون بها عن أرواحهم وأموالهم ويستجرون بها فوائد دنيوية ﴿ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون ﴾ البالغون في الكذب إلى غاية ليس وراءها غاية حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب، وزعموا أن أيمانهم الفاجرة تروج الكذب لديه عز وجل كما تروّجه عند المؤمنين.
﴿ استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان ﴾ أي غلب على عقولهم بوسوسته وتزيينه حتى اتبعوه فكان مستولياً عليهم، وقال الراغب : الحوذ أن يتبع السائق حاذي البعير أي أدبار فخذيه فيعنف في سوقه يقال : حاذ الإبل يحوذها أي ساقها سوقاً عنيفاً، وقوله تعالى :﴿ استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان ﴾ أي استقاهم مستولياً عليهم، أو من قولهم : استحوذ العير على الأتان أي استولى على حاذيها أي جانبي ظهرها اه.