وفَسَحَ فلان لأخيه في مجلسه يَفْسَح فَسْحاً أي وسع له ؛ ومنه قولهم : بلد فَسِيح ولك في كذا فُسْحة، وفَسَح يَفْسَح مثل منع يَمْنَع، أي وسّع في المجلس ؛ وفَسُح يَفْسُح فَسَاحةً مثل كَرُم يَكْرُمُ كرامةً أي صار واسعاً ؛ ومنه مكان فسيح.
الثانية : قرأ السُّلَمي وزِرّ بن حُبَيش وعاصم "فِي الْمَجالِسِ".
وقرأ قتادة وداود بن أبي هند والحسن بآختلاف عنه "إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَاسَحُوا" الباقون "تَفَسَّحُوا فيِ الْمَجْلِسِ" فمن جمع فلأن قوله :﴿ تَفَسَّحُواْ فِي المجالس ﴾ ينبىء أن لكل واحد مجلساً.
وكذلك إن أريد به الحرب.
وكذلك يجوز أن يراد مسجد النبيّ ﷺ وجمع لأن لكل جالس مجلساً.
وكذلك يجوز إن أريد بالمجلس المفرد مجلس النبيّ ﷺ، ويجوز أن يراد به الجمع على مذهب الجنس ؛ كقولهم : كثر الدينار والدرهم.
قلت : الصحيح في الآية أنها عامة في كل مجلس اجتمع المسلمون فيه للخير والأجر، سواء كان مجلس حربٍ أو ذكر أو مجلس يوم الجمعة ؛ فإن كل واحد أحقّ بمكانه الذي سبق إليه قال ﷺ :
" من سَبق إلى ما لم يُسبق إليه فهو أحّق به " ولكن يوسع لأخيه ما لم يتأذّ بذلك فيخرجه الضيق عن موضعه.
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر عن النبيّ ﷺ قال :" لا يُقِيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه " وعنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، ولكن تفسحوا وتوسعوا.
وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه.
لفظ البخاري.
الثالثة : إذا قعد واحد من الناس في موضع من المسجد لا يجوز لغيره أن يقيمه حتى يقعد مكانه ؛ لما روى مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبيّ ﷺ قال :" لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه ولكن يقول افسحوا ".