فرع : القاعد في المكان إذا قام حتى يقعد غيره موضعه نُظِر ؛ فإن كان الموضع الذي قام إليه مثل الأوّل في سماع كلام الإمام لم يكره له ذلك، وإن كان أبعد من الإمام كره له ذلك ؛ لأن فيه تفويت حظّه.
الرابعة : إذا أمر إنسان إنساناً أن يبكر إلى الجامع فيأخذ له مكاناً يقعد فيه لا يكره، فإذا جاء الآمر يقوم من الموضع ؛ لما روي : أن ابن سيرين كان يرسل غلامه إلى مجلس له في يوم الجمعة فيجلس له فيه، فإذا جاء قام له منه.
فرع : وعلى هذا من أرسل بساطاً أو سجادةً فتُبسط له في موضع من المسجد.
الخامسة : روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :" إذا قام أحدكم وفي حديث أبي عوانة من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به " قال علماؤنا : هذا يدل على صحة القول بوجوب اختصاص الجالس بموضعه إلى أن يقوم منه ؛ لأنه إذا كان أولى به بعد قيامه فقبله أولى به وأحرى.
وقد قيل : إن ذلك على الندب ؛ لأنه موضع غير متملَّك لأحد لا قبل الجلوس ولا بعده.
وهذا فيه نظر ؛ وهو أن يقال : سلمنا أنه غير متملك لكنه يختص به إلى أن يفرغ غرضه منه، فصار كأنه يملك منفعته ؛ إذ قد منع غيره من يزاحمه عليه.
والله أعلم.
السادسة : قوله تعالى :﴿ يَفْسَحِ الله لَكُمْ ﴾ أي في قبوركم.
وقيل : في قلوبكم.
وقيل : يوسّع عليكم في الدنيا والآخرة.
﴿ وَإِذَا قِيلَ انشزوا فَانشُزُواْ ﴾ قرأ نافع وابن عامر وعاصم بضم الشين فيهما.
وكسر الباقون، وهما لغتان مثل ﴿ يَعْكِفُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٣٨ ] و ﴿ يَعْرُشُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٣٧ ] والمعنى انهضوا إلى الصلاة والجهاد وعمل الخير ؛ قاله أكثر المفسرين.
وقال مجاهد والضحاك : إذا نودي للصلاة فقوموا إليها.
وذلك أن رجالاً تثاقلوا عن الصلاة فنزلت.
وقال الحسن ومجاهد أيضاً : أي انهضوا إلى الحرب.


الصفحة التالية
Icon