وقال ابن جريج : حُدِّثت أن أبا قُحافة سب النبيّ ﷺ فصكّه أبو بكر ابنه صكةً فسقط منها على وجهه، ثم أتى النبيّ ﷺ فذكر ذلَك له، فقال :"أو فعلته، لا تعد إليه" فقال : والذي بعثك بالحق نبيّاً لو كان السيف مني قريباً لقتلته " وقال ابن مسعود : نزلت في أبي عبيدة بن الجراح ؛ قتل أباه عبد الله ابن الجراح يوم أُحد وقيل : يوم بدر.
وكان الجراح يتصدّى لأبي عبيدة وأبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله ؛ فأنزل الله حين قتل أباه :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر ﴾ الآية.
قال الواقدي : كذلك يقول أهل الشام.
ولقد سألت رجالاً من بني الحرث بن فهر فقالوا : توفي أبوه من قبل الإسلام.
﴿ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ ﴾ يعني أبا بكر دعى ابنه عبد الله إلى البراز يوم بدر، فقال النبيّ ﷺ :" مَتِّعْنَا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر " ﴿ أَوْ إِخْوَانَهُمْ ﴾ يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم بدر.
﴿ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعليّاً وحمزة قتلا عُتبة وشيبة والوليد يوم بدر.
وقيل : إن الآية نزلت في حاطب بن أبي بَلْتَعة، لما كتب إلى أهل مكة بمسير النبيّ ﷺ عام الفتح ؛ على ما يأتي بيانه أوّل سورة "الممتحنة" إن شاء الله تعالى.
بيّن أن الإيمان يفسد بموالاة الكفار وإن كانوا أقارب.
الثانية : استدل مالك رحمه الله من هذه الآية على معاداة القَدَرية وترك مجالستهم.
قال أشهب عن مالك : لا تجالس القَدَرية وعادِهم في الله ؛ لقوله تعالى :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ ﴾.
قلت : وفي معنى أهل القدر جميع أهل الظلم والعدوان.


الصفحة التالية
Icon