المهاجرين، وبذلك أعاد التوازن إلى المجتمع الإسلامى فى المدينة! فإن المهاجرين صودرت
أموالهم وبيوتهم فى مكة، وتحملوا هذه المحنة فى ذات الله. ومع أن الأنصار واسوهم وفتحوا لهم قلوبهم ودورهم، إلا أن الحل الأمثل فى توريث المهاجرين ما ترك اليهود. والتعليل المذكور فى السورة " كي لا يكون دولة بين الأغنياء". ثم شرح حال أولئك المهاجرين، فقال" للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون". وبذلك رسا المجتمع على قواعد عادلة وشرع يؤدى رسالته. وفى عصرنا هذا كما فى عصر النبوة عرب منافقون لا يرون حرجا فى أن يعيشوا مع اليهود ويقاسموهم حياة خشنة أو ناعمة. والواقع أن الفريقين لا دين لهم. فالدين عند اليهود ليس نقاء قلب وزكاة سيرة وسماحة يد. إنه أثرة طافحة وصلف غريب. والعرب المنافقون لا يصدقون أن الله اختار جنسهم لرفع المستوى الروحى والعقلى للناس، إنهم طلاب حياة وحسب!! فلا عجب إذا ألف أحدهم الآخر وأيده " ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ". وعلاقة اليهود بالآخرة واهية. والأسفار الأولى للعهد القديم ـ التوراة ـ لا تتحدث عن ثواب وعقاب وجنة أو نار، إنها تاريخ جاف لشعب غليظ الرقبة. وهذا الفكر المادى صبغ الحضارة الحديثة، وأغرى الجماهير بعبادة اليوم الحاضر ونسيان ما وراءه. ولم تستطع النصرانية بعدما تخلت عن سيرة المسيح أن تقاوم هذا العوج. فأصاب العالم كله ضر شديد. ولذلك جاءت هذه السورة تدفع الناس دفعا إلى معرفة الله وإيثار ما عنده وقربت الآخرة حتى جعلتها الغد المحقق! " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم


الصفحة التالية
Icon