الذي حقه أن يعطى للفقراء بلغة يعيشون بها "دُولَةً" بضم الدّال وهي يتداوله ويتداوره النّاس بينهم في الملك بالكسر وبفتح الدّال ما يتدابره النّاس في الملك بضم الميم في النّصرة والجاه، وقيل قسمته تقسيم وتنداول "بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ" فيكاثر به بعضهم بعضا ويغمطون حق الفقراء، وهكذا، فلا يجوز للسلاطين والملوك والأمراء أن يختصوا بمثل ذلك لأنفسهم بل ينبغي أن يتركوه لمنافع المسلمين كالسلاح وعمارة الجسور ومحافظة الثغور وإصلاح الطّرق وآلات الحرب ولوازم المجاهدين والإنفاق على المرضى والعجزة والأرامل والأيتام وتعليم الفقراء والمساكين وما شابه ذلك.
مطلب أمر الرّسول أمر اللّه وبيان قسمة الفيء والغنيمة وذم البخل والشّح وعمل أبي طلحة رضي اللّه عنه وحب الأصحاب حب الرّسول :
قال تعالى "وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ" أيها المؤمنون سواء كان من الفيء أو الغنيمة، ولا تطلبوا زيادة منه، ولا تسألوه لم أعطى ولم منع "وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" من الغلول وغيره، وامتثلوا أمره.
وهذه الآية عامة في كلّ ما يأمر به حضرة الرّسول وينهى عنه، لأنه لا يقول إلّا حقا ولا ينطق إلّا صدقا ولا يتكلم عن هوى "وَاتَّقُوا اللَّهَ" من أن تتهاونوا بأمره ونهيه كله لأنكم مأمورون بطاعته، قال تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) الآية ٥٨ من سورة النّساء المارة فطاعة اللّه طاعة رسوله وبالعكس "إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ" (٧) على من يخالف أمر رسوله في قول أو فعل أو عمل، ولذلك ختم اللّه هذه الآية في هذه الجملة المهددة للمخالف الموعدة له بسوء العاقبة.