عندهم بنات فصار يطلق من قضى نهمته منها ثم يزوجها أخاه المهاجر، وهذا مما لا بأس به شرعا "وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً" أي حزازة أو غيظا أو حسدا "مِمَّا أُوتُوا" من الفيء دونهم لأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لما أعطى المهاجرين أموال بني النّضير ولم يعط منها إلّا ثلاثة من الأنصار، هم أبو حارثة سماك بن خراشة وسهيل بن حيف والحارث بن الصّمة، لم يغتاظوا وبقيت نفوسهم طيبة بذلك ولم يقولوا لم يعطنا مثل المهاجرين وكنا معه سواء "وَيُؤْثِرُونَ" أولئك الممدوحون أي
يفضلون المهاجرين "عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ" أي حاجة وفقر، قال ابن عباس قال صلّى اللّه عليه وسلم يوم النّضير للانصار إن شئتم قسمتم المهاجرين من أموالكم ودياركم وتشار كونهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم أموالكم ودياركم ولم نقسم لكم شيئا من الغنيمة، فقالوا بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها، فأنزل اللّه هذه الآية.
ومما جاء في الأخوة الصّادقة المخلصة ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قالت الأنصار للنبي صلّى اللّه عليه وسلم اقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين النّخيل، قال لا، فقالوا تكفونا المئونة ونشرككم في التمر، قالوا سمعنا وأطعنا.
وما روى البخاري عن أنس ابنمالك قال دعا رسول اللّه الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين، فقالوا لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها، فقال اما لا فاجروا حتى تلقوني على الحوض فإنه سيصيبكم أثرة بعدي (الأثرة بفتح الهمزة والثاء) أي يستأثر عليكم في أمور الدنيا ويفضل غيركم عليكم بسبب فساد الزمان، إذ يوسد الأمر إلى غير اهله، ويسود القوم أرذلهم.


الصفحة التالية
Icon