روى مسلم عن جابر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال اتقوا الظّلم فإن الظّلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشّح فإن الشّح أهلك من كان قبلكم وحملهم على أن يسفكوا دماءهم ويستحلوا محارمهم، وأخرج أبو داود عن أبي هريرة أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال شرّ ما في الرّجل شح هالع (الهلع شدة الجزع على ما يفوت) وجبن خالع أي (يخلع الفؤاد لشدة الفزع).
وأخرج النّسائي عنه قال قال صلّى اللّه عليه وسلم لا يجتمع غبار في سبيل اللّه ودخان جهنم في جوف عبد أبدا، ولا يجتمع الشّح والإيمان في قلب عبد أبدا.
وأشرنا إلى ما يتعلق لهذا آخر سورة محمد عليه السّلام فراجعه، قال تعالى "وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ" أن الفيء المار ذكره يكون أولا للمهاجرين، ثم للأنصار، ثم للّذين يأتون من بعدهم وهم التابعون إلى يوم القيامة، لأن هذا الفيء يكون بيد من يتولى أمر المسلمين فينفقه عليهم، وهؤلاء المستحقون ذلك هم الّذين "يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ"
(١٠) فعلينا معاشر المؤمنين أن ندعو لمن قبلنا ومن بعدنا أسوة بهؤلاء الصالحين الّذين وصفهم اللّه بالآية السّابقة، فالّذين لا يتصفون بتلك الصّفات لا يستحقون شيئا من الفيء والغنيمة، وليس لهم حق أي نصيب وحظ في فيء المسلمين، لأن المسلم يجب أن يكون مؤمنا وأن يدعو للمؤمنين ممن سبق زمنه بالمغفرة، وأن لا يكون في قلبه غيظ على أحد منهم، يدل على هذا ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه.