وفي الصحيح : أن النبي ﷺ قال :" نُصِرتُ بالرُّعب بين يدَيْ مسيرةِ شهر " فكيف لا يُنصر به مسيرة ميل من المدينة إلى محلة بني النضير.
وهذه خصِّيصَى لمحمد ﷺ دون غيره.
قوله تعالى :﴿ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ ﴾ قراءة العامة بالتخفيف من أخرب ؛ أي يهدمون.
وقرأ السُّلمِي والحسن ونصر بن عاصم وأبو العالية وقتادة وأبو عمرو "يخرِّبون" بالتشديد من التخريب.
قال أبو عمرو : إنما اخترت التشديد لأن الإخراب تركُ الشيء خراباً بغير ساكن، وبنو النَّضير لم يتركوها خراباً وإنما خرّبوها بالهدم ؛ يؤيده قوله تعالى :﴿ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المؤمنين ﴾.
وقال آخرون : التخريب والإخراب بمعنى واحد، والتشديد بمعنى التكثير.
وحكى سيبويه : أن معنى فعّلت وأفعلت يتعاقبان ؛ نحو أخربته وخرّبته وأفرحته وفرّحته.
واختار أبو عبيد وأبو حاتم الأولى.
قال قتادة والضحاك : كان المؤمنون يخرّبون من خارج ليدخلوا، واليهود يُخرّبون من داخل ليبنُوا به ما خُرِّب من حِصْنهم.
فروي أنهم صالحوا رسول الله ﷺ على ألا يكونوا عليه ولا له ؛ فلما ظهر يومَ بَدْر قالوا : هو النبيّ الذي نُعِت في التوراة، فلا تُردّ له راية.
فلما هُزِم المسلمون يوم أحُد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكباً إلى مكة، فحالفوا عليه قريشاً عند الكعبة، فأمر عليه السلام محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كَعْباً غِيلةً ثم صبّحهم بالكتائب ؛ فقال لهم : اخرجوا من المدينة.
فقالوا : الموت أحبّ إلينا من ذلك ؛ فتنادَوا بالحرب.
وقيل : استمهلوا رسول الله ﷺ عشرة أيام ليتجهزوا للخروج، فدسّ إليهم عبدُ الله ابن أُبَيّ المنافق وأصحابه لا تخرجوا من الحصن، فإن قاتلوكم فنحن معكم لا نخذلكم، ولئن أُخرِجتم لنخرجنّ معكم.


الصفحة التالية
Icon