ومن معه على ما قالوا فلم يفوا لهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم فأرسلوا بالإجابة، فقال : لا إلا أن يكون لي سلاحكم وما لم تقدروا على حمله على إبلكم من أموالكم، فتوقفوا ثم أجابوا فحملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل إلا الحلقة، وذهبوا على ستمائة بعير، وأظهروا الحلي والحلل وأبدى نساؤهم زينتهن فلحق بعضهم بخيبر وبعضهم بالشام وخلوا الأموال والحلقة لرسول الله ـ ﷺ ـ ولم يسلم منهم إلا رجلان يامين بن عمرو وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما فأحرزاها فجعل الله أموال من لم يسلم منهم فيئاً لرسول الله ـ ﷺ ـ خاصة به يضعها حيث يشاء كما روي ذلك في الصحيح عن عمر ـ رضى الله عنه ـ في قصة مخاصمة علي والعباس ـ رضى الله عنهما ـ، وفيه أنه من خصائصه ـ ﷺ ـ فإنه قال : إن الله قد خص رسوله ـ ﷺ ـ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره، ثم قرأ ﴿ما أفاء الله على رسوله منهم﴾ إلى قوله تعالى :﴿قدير﴾ فكانت خالصة لرسول الله ـ ﷺ ـ والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم قد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال - يعني الذي وقع خصامهما فيه، فكان ينفق رسول الله ـ ﷺ ـ على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل ما لله، وفي الصحيح أيضاً عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر ـ رضى الله عنه ـ قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ـ ﷺ ـ ما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله ـ ﷺ ـ خاصة ينفق على أهله منها نفقة سنة ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله - انتهى، وقد قسم رسول الله ـ ﷺ ـ أموالهم بعد ما تركه لنفسه بين المهاجرين، لم يعط الأنصار منه شيئاً إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة شديدة : أبو دجانة


الصفحة التالية
Icon