فالغنيمة والفيء تجتمعان في أن فيهما معاً الخمس من جميعهما لمن سماه الله تعالى، ومن سماه الله تعالى في الآيتين معاً سواء مجتمعين غير مفترقين، ثم يفترق الحكم في الأربعة الأخماس بما بين الله عز وجل على لسان نبيه ـ ﷺ ـ وفي فعله فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة، والغنيمة هي الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني وفقير، والفيء وهو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت سنة النبي ـ ﷺ ـ في قرى عرينة التي أفاءها الله عليها أن أربعة أخماسها لرسول الله ـ ﷺ ـ خاصة دون المسلمين يضعه رسوله الله ـ ﷺ ـ حيث أراه الله عز وجل، ثم ذكر حديث عمر ـ رضى الله عنه ـ من رواية مالك بن أوس بن الحدثان ـ رضى الله عنه ـ في خصام علي والعباس ـ رضى الله عنهما ـ، قال الشافعي : فأموال بني النضير التي أفاء الله على رسوله ـ ﷺ ـ التي ذكر عمر ـ رضى الله عنه ـ فيها ما بقي منها في يد النبي ـ ﷺ ـ بعد الخمس وبعد أشياء فرقها النبي ـ ﷺ ـ منها بين رجال من المهاجرين لم يعط منها أنصارياً إلا رجلين ذكرا فقراً وهذا مبين في موضعه، وفي هذا الحديث دلالة على أن عمر ـ رضى الله عنه ـ إنما حكى أن أبا بكر ـ رضى الله عنه ـ وهو أمضيا ما بقي من هذه الأموال التي كانت بيد رسول الله ـ ﷺ ـ على وجه ما رأيا رسول الله ـ ﷺ ـ يعمل به فيها، وأنهما لم يكن لهما مما لم يوجف عليه المسلمون من الفيء ما كان لرسول الله ـ ﷺ ـ وأنهما إنما كانا فيه أسوة للمسلمين، وذلك سيرتهما وسيرة من بعدهما، والأمر الذي لم يختلف فيه أحد من أهل العلم عندنا علمته ولم يزل يحفظ من قولهم أنه ليس لأحد ما كان لرسول الله ـ ﷺ ـ من صفي الغنيمة ولا من أربعة أخماس ما لم يوجف عليه منها، وقد