مضى من كان ينفق عليه رسول الله ـ ﷺ ـ من أزواجه وغيرهن إن كان معهن، فلم أعلم أحداً من أهل العلم قال لورثتهم تلك النفقة التي كانت لهم، ولا خلاف أن تجعل تلك النفقات حيث كان النبي ـ ﷺ ـ يجعل فضول غلات تلك الأموال فيما فيه صلاح الإسلام وأهله، قال الشافعي : والجزية من الفيء وسبيلها سبيل جميع ما أخذه مما أوجف من مال مشرك أن يخمس فيكون لمن سمى الله عز وجل الخمس وأربعة أخماسه على ما سأبينه إن شاء الله تعالى، وكذلك كل ما أخذ من مشرك من مال غير إيجاف، وذلك مثل ما أخذ منه إذا اختلف في بلاد المسلمين ومثل ما أخذ منه إذا مات ولا وارث له، وغير ذلك ما أخذ من ماله، وقد كان في زمن النبي ـ ﷺ ـ فيء من غير قرى عرينة، وذلك مثل جزية أهل البحرين وهجر وغير ذلك فكان له أربعة أخماسها يمضيها حيث أراد الله عز وجل وأوفى خمسه من جعله الله له - انتهى.
ولما حكم سبحانه هذا الحكم في الفيء المخالف لما كانوا عليه في الجاهلية من اختصاص الأغنياء به، بين علته المظهرة لعظمته سبحانه وحسن تدبيره ورحمته فقال معلقاً بما علق به الجار :﴿كي لا يكون﴾ أي الفيء الذي سيره الله سبحانه بقوته وما خص به نبيه ـ ﷺ ـ من قذف الرعب في قلوب أعدائه ومن حقه أن يعطاه الفقراء ﴿دولة﴾ أي شيئاً يتناوله أهل الغنى والشرف على وجه القهر والغلبة إثرة جاهلية - هذا على قراءة الجماعة، وقرأ أبو جعفر وهشام عن ابن عامر بالتأنيث من ﴿كان﴾ التامة و ﴿دولة﴾ بالرفع على أنها فاعل ﴿بين الأغنياء منكم﴾ يتداولونه بينهم فإنهم كانوا يقولون : من عزيز، ومنه قال الحسن : اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولاً - يريد من غلب منهم أخذه واستأثر به، وقيل : الضم اسم للمتداول كالغرفة اسم لما يغترف، والفتح التداول.


الصفحة التالية
Icon