فقال : لا أقوى على جِنِّيتْه، ولكن اذهبوا به إلى برصيصا، فإن عنده اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب ؛ فجاءوه فدعا بتلك الدعوات، فذهب عنه الشيطان.
ثم جعل الأبيض يفعل بالناس ذلك ويرشدهم إلى برصيصا فيعافَوْن.
فانطلق إلى جارية من بنات الملوك بين ثلاثة إخوة، وكان أبوهم ملكاً فمات واستخلف أخاه، وكان عمها ملكاً في بني إسرائيل فعذبها وخنقها.
ثم جاء إليهم في صورة رجل متطبب ليعالجها فقال : إن شيطانها مارد لا يطاق، ولكن اذهبوا بها إلى برصيصا فدعوها عنده، فإذا جاء شيطانها دعا لها فبرئت ؛ فقالوا : لا يجيبنا إلى هذا ؛ قال : فابْنوا صومعةً في جانب صومعته ثم ضعوها فيها، وقولوا : هي أمانة عندك فاحتسب فيها.
فسألوه ذلك فأبى، فبنَوْا صومعة ووضعوا فيها الجارية ؛ فلما انفتل من صلاته عاين الجارية وما بها من الجمال فَأسْقِط في يده، فجاءها الشيطان فخنقها فانفتل من صلاته ودعا لها فذهب عنها الشيطان، ثم أقبل على صلاته فجاءها الشيطان فخنقها.
وكان يكشف عنها ويتعرض بها لبرصيصا، ثم جاءه الشيطان فقال : ويحك! واقِعْها، فما تجد مثلها ثم تتوب بعد ذلك.
فلم يزل به حتى واقعها فحملت وظهر حملها.
فقال له الشيطان : ويحك! قد افتضحت.
فهل لك أن تقتلها ثم تتوب فلا تفتضح، فإن جاءوك وسألوك فقل جاءها شيطانها فذهب بها.
فقتلها برصيصا ودفنها ليلاً ؛ فأخذ الشيطان طَرف ثوبها حتى بقي خارجاً من التراب ؛ ورجع برصيصاً إلى صلاته.
ثم جاء الشيطان إلى إخوتها في المنام فقال : إن برصيصا فعل بأختكم كذا وكذا، وقتلها ودفنها في جبل كذا وكذا ؛ فاستعظموا ذلك وقالوا لبرصيصا : ما فعلت أختنا؟ فقال : ذهب بها شيطانها ؛ فصدقوه وانصرفوا.


الصفحة التالية
Icon