ويحيى بن الحرث ولتنظر بكسر اللام، وروي ذلك عن حفص عن عاصم، وقرأ الحسن بكسرها وفتح الراء جعلها لام كي، وكان المعنى ولكي تنظر نفس ما قدمت لغد أمرنا بالتقوى ﴿ واتقوا الله ﴾ تكرير للتأكيد، أو الأول في أداء الواجبات كما يشعر به ما بعده من الأمر بالعمل وهذا في ترك المحارم كما يؤذن به الوعيد بقوله سبحانه :﴿ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي من المعاصي، وهذا الوجه الثاني أرجح لفضل التأسيس على التأكيد، وفي ورود الأمرين مطلقين من الفخامة ما لا يخفى، وقيل : إن التقوى شاملة لترك ما يؤثم ولا وجه وجيه للتوزيع والمقام مقام الاهتمام بأمرها، فالتأكيد أولى وأقوى، وفيه منع ظاهر، وكيف لا والمتبادر مما قدمت أعمال الخير كذا قيل، ولعل من يقول بالتأكيد يقول : إن قوله سبحانه :﴿ إِنَّ الله خَبِيرٌ ﴾ الخ يتضمن الوعد والوعيد ويعمم ما قدمت أيضاً، ولعلك مع هذا تميل للتأسيس.
﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين نَسُواْ الله ﴾ أي نسوا حقوقه تعالى شأنه، وما قدروا الله حق قدره ولم يراعوا مواجب أمره سبحانه ونواهيه عز وجل حق رعايتها ﴿ فأنساهم ﴾ الله تعالى بسبب ذلك ﴿ أَنفُسِهِمْ ﴾ أي جعلهم سبحانه ناسين لها حتى لم يسعوا بما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلصها، أو أراهم جل جلاله يوم القيامة من الأهوال ما أنساهم أنفسهم أي أراهم أمراً هائلاً وعذاباً أليماً، ونسيان النفس حقيقة قيل : مما لا يكون لأن العلم بها حضوري، وفيه نظر وإن نص عليه ابن سينا وأشياعه ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الفاسقون ﴾ الكاملون في الفسوق.
وقرأ أبو حيوة ولا يكونوا بياء الغيبة على سبيل الالتفات، وقال ابن عطية : كناية عن نفس المراد بها الجنس.