قرأ الجمهور :﴿ جدر ﴾ بالجمع، وقرأ ابن عباس، ومجاهد، وابن محيصن، وابن كثير، وأبو عمرو :﴿ جدار ﴾ بالإفراد.
واختار القراءة الأولى أبو عبيد، وأبو حاتم ؛ لأنها موافقة لقوله :﴿ قُرًى مُّحَصَّنَةٍ ﴾.
وقرأ بعض المكيين :﴿ جدر ﴾ بفتح الجيم، وإسكان الدال، وهي لغة في الجدار ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ﴾ أي : بعضهم غليظ فظ على بعض، وقلوبهم مختلفة، ونياتهم متباينة.
قال السديّ : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد.
وقال مجاهد :﴿ بأسهم بينهم شديد ﴾ بالكلام والوعيد ليفعلن كذا، والمعنى : أنهم إذا انفردوا نسبوا أنفسهم إلى الشدّة والبأس، وإذا لاقوا عدوّاً ذلوا وخضعوا، وانهزموا، وقيل : المعنى أن بأسهم بالنسبة إلى أقرانهم شديد، وإنما ضعفهم بالنسبة إليكم لما قذف الله في قلوبهم من الرعب، والأوّل أولى لقوله :﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى ﴾ فإنه يدلّ على أن اجتماعهم إنما هو في الظاهر مع تخالف قلوبهم في الباطن، وهذا التخالف هو البأس الذي بينهم الموصوف بالشدّة، ومعنى ﴿ شتى ﴾ : متفرقة، قال مجاهد : يعني اليهود والمنافقين تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى.
وروي عنه أيضاً أنه قال : المراد : المنافقون.
وقال الثوري : هم المشركون، وأهل الكتاب.
قال قتادة :﴿ تحسبهم جميعاً ﴾، أي : مجتمعين على أمر ورأي، ﴿ وقلوبهم شتى ﴾ متفرقة، فأهل الباطل مختلفة آراؤهم مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحقّ.
وقرأ ابن مسعود :( وقلوبهم أشت ) أي : أشد اختلافاً ﴿ ذلك بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ﴾ أي : ذلك الاختلاف والتشتت بسبب أنهم قوم لا يعقلون شيئًا، ولو عقلوا ؛ لعرفوا الحقّ واتبعوه.