﴿ مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾ أي : من الأموال محاربيها، وهو بيان للأول، ولذا لم يعطف عليه، ﴿ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ ﴾ أي : الفيء الذي حقه أن يكون لمن ذكر ﴿ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ ﴾ أي : يتداولونه وحدهم دون من هم أحق به. أو دولة جاهلية، إذ كان من عوائدهم استئثار الرؤساء والأغنياء بالغنائم دون الفقراء ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ ﴾ أي : من قسمة غنيمة أو فيء ﴿ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ أي : عن أخذه منها ﴿ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ أي : لمن خالفه إلى ما نهى عنه.
تنبيهات :
الأول : قال السيوطي في " الإكليل " : استدل بالآية على أن الفيء ما أخذ من الكفار بلا قتال، وإيجاف خيل وركاب، ومنه ما جلوا عنه خوفاً. و الغنيمة ما أخذ منهم بقتال، كما تقدم في قوله :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ﴾ [ الأنفال : ٤١ ]، خلافاً لمن زعم أنهما بمعنى واحد، أو فرق بينهما بغير ذلك. انتهى.
وكأن الذي زعم أنهما بمعنى واحد رأى أن مجمل هذه الآية بيَّنه آية الأنفال، حتى زعم قتادة أن هذه منسوخة بتلك. قال - فيما رواه عنه ابن جرير - : كان الفيء في هؤلاء ثم نسخ ذلك سورة الأنفال فقال :
﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة الحشر. وكانت الغنيمة تقسم خمسة أخماس : فأربعة لله وللرسول، وخمس لقرابة رسول الله ﷺ في حياته، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل.
والمسألة مبسوطة في مطولات الفروع.


الصفحة التالية
Icon