﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ﴾ أي : لوجود الجنسية في الصفاء، والموافقة في الدين والإخاء. قال الشهاب : المراد بمحبتهم المهاجرين هنا، مواساتهم، وعدم الاستثقال والتبرم منهم، إذا احتاجوا إليهم، فالمحبة كناية عما ذكر، كما قيل :
~ ياأخي واللَّبيب إن خانَ دهرٌ يستبين العدوَّ ممن يحبُّ
﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ ﴾ أي : في أنفسهم ﴿ حَاجَةً ﴾ أي : طلباً أو حسداً ﴿ مِّمَّا أُوتُوا ﴾ أي : مما أوتي المهاجرون من الفيء وغيره، لسلامة قلوبهم، وطهارتها عن دواعي الحرض.
﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ أي : حاجة وفاقة.
قال القاشانيّ : لتجردهم وتوجههم إلى جناب القدس، وترفعهم عن مواد الرجس، وكون الفضيلة لهم أمراً ذاتياً، باقتضاء الفطرة، وفرط محبة الإخوان بالحقيقة، والأعوان في الطريقة. فتقديمهم أصحابهم على أنفسهم، لمكان الفتوةّ، وكمال المروّة، ولقوة التوحيد، والاحتراز عن حظ النفس.
تنبيه :
في " الإكليل" : في الآية مدح الإيثار في حظوظ النفس والدنيا. انتهى.
وقال ابن كثير : هذا المقام أعلى من حال الذين وصف الله بقوله تعالى :
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ﴾ [ الْإِنْسَاْن : ٨ ]، وقوله :