﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ أي : اليهود وإخوانهم ﴿ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ ﴾ أي : بالحصون، فلا يبرزون إلى البراز ﴿ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ ﴾ أي : من خلف حيطان، لفرط رهبتهم منكم، ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ﴾ قال الزمخشريّ : يعني أن البأس الشديد الذي يوصفون به إنما هو بينهم إذا اقتتلوا، ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدة، لأن الشجاع يجبن، والعزيز يذلّ، عند محاربة الله ورسوله. انتهى.
﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ أي : تظنهم مجتمعين لاتفاقهم في الظاهر، والحال أن قلوبهم متفرقة، لاختلاف مقاصدها، وتجاذب دواعيها، وتفرقها عن الحق بالباطل.
﴿ ذَلِكَ ﴾ قال المهايميّ : أي : الاجتماع في الظاهر، مع افتراق البواطن، ﴿ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ﴾ أي : أنه يوجب جبنهم المفضي إلى الهلاك الكليّ. انتهى.
وفي هذه الآيات الثلاث تشجيع للمؤمنين على منازلتهم، والحمل عليهم، وتبشير لهم بأنهم المنصورون الغالبون.
﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [ ١٥ ]
﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي : مثل هؤلاء اليهود من بني النضير، فيما نزل بهم من العقوبة، كمثل من نالهم جزاء بغيهم من قبلهم، وهم كفار قريش في وقعة بدر، أو بنو قينقاع. قال ابن كثير : والثاني أشبه بالصواب، فإن يهود بني قينقاع كان رسول الله ﷺ قد أجلاهم قبل هذا. انتهى.


الصفحة التالية
Icon