قال قتادة : إن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله ﷺ، وحاربوا فيما بين بدر وأحد، وكان من أمرهم أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها عن كشف وجهها، فأبت. فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها، فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع < فحاصرهم رسول الله ﷺ حتى نزلوا على حكمه، فأمرهم أن يخرجوا من المدينة، ولا يجاوروه بها >، فخرجوا إلى الشام. والتفصيل في السير.
وقال ابن جرير : وأولى الأقوال بالصواب أن يقال : إن الله عز وجل مثل هؤلاء الكفار من أهل الكتاب، مما هو مذيقهم من نكاله، بالذين من قبلهم من مكذبي رسوله ﷺ الذين أهلكهم بسخطه، وأمر بني قينقاع، ووقعة بدر، كانا قبل جلاء بني النضير، وكل أولئك قد ذاقوا وبال أمره، ولم يخصص الله عز وجل منهم بعضاً في تمثيل هؤلاء بهم دون بعض. وكل ذائق وبال أمره، فمن قربت مدته منهم قبلهم، فهم ممثلون بهم فيها عنوا به من المثل. انتهى.
﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ ﴾ [ ١٦ - ١٧ ]