وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥) ﴾
﴿ كمثل ﴾ : خبر مبتدأ محذوف، أي مثلهم، أي بني النضير ﴿ كمثل الذين من قبلهم قريباً ﴾ : وهم بنو قينقاع، أجلاهم الرسول ( ﷺ ) من المدينة قبل بني النضير فكانوا مثلاً لهم، قاله ابن عباس ؛ أو أهل بدر الكفار، فإنه عليه الصلاة والسلام قتلهم، فهم مثلهم في أن غلبوا وقهروا.
وقيل : الضمير في ﴿ من قبلهم ﴾ للمنافقين، و﴿ الذين من قبلهم ﴾ : منافقو الأمم الماضية، غلبوا ودلوا على وجه الدهر، فهؤلاء مثلهم.
ويبعد هذا التأويل لفظة ﴿ قريباً ﴾ أن جعلته متعلقاً بما قبله، وقريباً ظرف زمان وإن جعلته معمولاً لذاقوا، أي ذاقوا وبال أمرهم قريباً من عصيانهم، أي لم تتأخر عقوبتهم في الدنيا، كما لم تتأخر عقوبة هؤلاء.
﴿ ولهم عذاب أليم ﴾ في الآخرة.
﴿ كمثل الشيطان ﴾ : لما مثلهم بمن قبلهم، ذكر مثلهم مع المنافقين، فالمنافقون كالشيطان، وبنو النضير كالإنسان، والجمهور : على أن الشيطان والإنسان اسما جنس يورطه في المعصية ثم يفر منه.
كذلك أغوى المنافقون بني النضير، وحرضوهم على الثبات، ووعدوهم النصر.
فلما نشب بنو النضير، خذلهم المنافقون وتركوهم في أسوأ حال.
وقيل : المراد استغواء الشيطان قريشاً يوم بدر.
وقوله لهم :﴿ لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم ﴾ إلى قوله :﴿ إني بريء منكم ﴾ وقيل : التمثيل بشيطان مخصوص مع عابد مخصوص استودع امرأة، فوقع عليها فحملت، فخشي الفضيحة، فقتلها ودفنها.
سول له الشيطان ذلك، ثم شهره، فاستخرجت فوجدت مقتولة ؛ وكان قال إنها ماتت ودفنتها، فعلموا بذلك، فتعرض له الشيطان وقال : اكفر واسجد لي وأنا أنجيك، ففعل وتركه عند ذلك وقال : أنا بريء منك.


الصفحة التالية
Icon