والإيجاف: الركض والإسراع. والركاب: الجمال. والآية تذكر المسلمين أن هذا الفيء الذي خلفه وراءهم بنو النضير لم يركضوا هم عليه خيلا، ولم يسرعوا إليه ركبا، فحكمه ليس حكم الغنيمة التي أعطاهم الله أربعة أخماسها، واستبقى خمسها فقط لله والرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، كما حكم الله في غنائم بدر الكبرى. إنما حكم هذا الفيء أنه كله لله والرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. والرسول ( ﷺ ) هو الذي يتصرف فيه كله في هذه الوجوه. وذو القربى المذكورون
وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦)
في الآيتين هم قرابة رسول الله ( ﷺ ) أن كانت الصدقات لا تحل لهم، فليس لهم في الزكاة نصيب، وأن كان النبي لا يورث فليس لذوي قرابته من ماله شيء. وفيهم الفقراء الذين لا مورد لهم. فجعل لهم من خمس الغنائم نصيبا، كما جعل لهم من هذا الفيء وأمثاله نصيبا. فأما بقية الطوائف والمصارف فأمرها معروف. والرسول ( ﷺ ) هو المتصرف فيها.
هذا هو حكم الفيء تبينه الآيات. ولكنها لا تقتصر على الحكم وعلته القريبة. إنما تفتح القلوب على حقيقة أخرى كبيرة: (ولكن الله يسلط رسله على من يشاء).. فهو قدر الله. وهم طرف من هذا القدر يسلطه على من يشاء. (والله على كل شيء قدير)..


الصفحة التالية
Icon