هذه هي قافلة الإيمان. وهذا هو دعاء الإيمان. وإنها لقافلة كريمة. وإنه لدعاء كريم.
الدرس الخامس: ١١ - ١٧ الولاء بين المنافقين واليهود وإغواء الشيطان لاتباعه
وحين ينتهي السياق من رسم هذه الصورة الوضيئة، ورفعها على الأفق في إطار النور. يعود إلى الحادث الذي نزلت فيه السورة، ليرسم صورة لفريق آخر ممن اشتركوا فيها. فريق المنافقين:
ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب: لئن أخرجتم لنخرجن معكم، ولا نطيع فيكم أحدا أبدا، وإن قوتلتم لننصرنكم، والله يشهد إنهم لكاذبون. لئن أخرجوا لا يخرجون معهم، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم، ولئن نصروهم ليولن الأدبار، ثم لا ينصرون. لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون. لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون. كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم، ولهم عذاب أليم. كمثل الشيطان إذ قال للإنسان: اكفر. فلما كفر قال: إني بريء منك، إني أخاف الله رب العالمين. فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها، وذلك جزاء الظالمين..
وهي حكاية لما قاله المنافقون ليهود بني النضير، ثم لم يفوا به، وخذلوهم فيه، حتى أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب. ولكن في كل جملة قرآنية لفتة تقرر حقيقة، وتمس قلبا، وتبعث انفعالا، وتقر مقوما من مقومات التربية والمعرفة والإيمان العميق.
وأول لفتة هي تقرير القرابة بين المنافقين والذين كفروا من أهل الكتاب: (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب). فأهل الكتاب هؤلاء كفروا. والمنافقون إخوانهم ولو أنهم يلبسون رداء الإسلام !
ثم هذا التوكيد الشديد في وعد المنافقين لإخوانهم: (لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا، وإن قوتلتم لننصرنكم)..