العظيم، وخافوا أن يؤثر هذا على موقفهم في المدينة فيضعف من مركزهم بقدر ما يقوي من مركز المسلمين. وبلغ رسول الله ( ﷺ ) ما يتهامسون به وما يفكرون فيه من الشر، فذكرهم العهد وحذرهم مغبة هذ الاتجاه. فردوا ردا غليظا مغيظا فيه تهديد. قالوا: يا محمد. إنك لترى أنا قومك ! لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة. إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس !
ثم أخذوا يتحرشون بالمسلمين ; وذكرت الروايات من هذا أن امرأة من العرب قدمت ببضاعة لها فباعتها بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها، فصاحت. فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله. وشدت يهود على المسلم فقتلوه فاستصرخ أهل المسلم المسلمين. فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع.
وحاصرهم رسول الله ( ﷺ ) حتى نزلوا على حكمه. فقام رأس المنافقين عبدالله بن أبي ابن سلول يجادل رسول الله عنهم، باسم ما كان بينهم وبين الخزرج من عهد ! ولكن الحقيقة كانت هي هذه الصلة بين المنافقين وإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب ! فرضي رسول الله ( ﷺ ) في النهاية أن يجلوا عن المدينة، وأن يأخذوا معهم أموالهم ومتاعهم - إلا السلاح - ورحلوا إلى الشام.
فهذه هي الواقعة التي يشير إليها القرآن ويقيس عليها حال بني النضير وحقيقتهم.. وحال المنافقين مع هؤلاء وهؤلاء !
ويضرب للمنافقين الذين أغروا إخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب بالمقاومة، فانتهوا بهم إلى تلك النهاية البائسة. يضرب لهم مثلا بحال دائمة. حال الشيطان مع الإنسان، الذي يستجيب لإغرائه فينتهي وإياه إلى شر مصير: