يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)
لتوجيهه وتكليفه. يتجه إليهم ليدعوهم إلى التقوى. والنظر فيما أعدوه للآخرة، واليقظة الدائمة، والحذر من نسيان الله كالذين نسوه من قبل، ممن رأوا مصير فريق منهم، وممن كتب عليهم أنهم من أصحاب النار:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، ولتنظر نفس ما قدمت لغد، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون، ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أولئك هم الفاسقون. لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة. أصحاب الجنة هم الفائزون)..
والتقوى حالة في القلب يشير إليها اللفظ بظلاله، ولكن العبارة لا تبلغ تصوير حقيقتها. حالة تجعل القلب يقظا حساسا شاعرا بالله في كل حالة. خائفا متحرجا مستحييا أن يطلع عليه الله في حالة يكرهها. وعين الله على كل قلب في كل لحظة. فمتى يأمن أن لا يراه ؟!
(ولتنظر نفس ما قدمت لغد)..
وهو تعبير كذلك ذو ظلال وإيحاءات أوسع من ألفاظه.. ومجرد خطوره على القلب يفتح أمامه صفحة أعماله بل صفحة حياته، ويمد ببصره في سطورها كلها يتأملها وينظر رصيد حسابه بمفرداته وتفصيلاته. لينظر ماذا قدم لغده في هذه الصفحة.. وهذا التأمل كفيل بأن يوقظه إلى مواضع ضعف ومواضع نقص ومواضع تقصير، مهما يكن قد أسلف من خير وبذل من جهد. فكيف إذا كان رصيده من الخير قليلا، ونصيبه من البر ضئيلا ؟ إنها لمسة لا ينام بعدها القلب أبدا، ولا يكف عن النظر والتقليب !
ولا تنتهي الآية التي تثير كل هذه المشاعر حتى تلح على القلوب المؤمنة بمزيد من الإيقاع:


الصفحة التالية
Icon