وكذلك: (العزيز. الجبار. المتكبر).. فهي صفات توحي بالقهر والغلبة والجبروت والاستعلاء. فلا عزيز إلا هو. ولا جبار إلا هو. ولا متكبر إلا هو. وما يشاركه أحد في صفاته هذه. وما يتصف بها سواه. فهو المتفرد بها بلا شريك.
ومن ثم يجيء ختام الآية: (سبحان الله عما يشركون)..
ثم يبدأ المقطع الأخير في التسبيحة المديدة.
(هو الله).. فهي الألوهية الواحدة. وليس غيره بإله.
(الخالق)..(البارئ).. والخلق: التصميم والتقدير. والبرء: التنفيذ والإخراج، فهما صفتان متصلتان والفارق بينهما لطيف دقيق..
(المصور). وهي كذلك صفة مرتبطة بالصفتين قبلها. ومعناها إعطاء الملامح المتميزة والسمات التي تمنح لكل شيء شخصيته الخاصة.
وتوالي هذه الصفات المترابطة اللطيفة الفروق، يستجيش القلب لمتابعة عملية الخلق والإنشاء والإيجاد والإخراج مرحلة مرحلة - حسب التصور الإنساني - فأما في عالم الحقيقة فليست هناك مراحل ولا خطوات. وما نعرفه عن مدلول هذه الصفات ليس هو حقيقتها المطلقة فهذه لا يعرفها إلا الله. إنما نحن ندرك شيئا من آثارها هو الذي نعرفها به في حدود طاقاتنا الصغيرة !
(له الأسماء الحسنى).. الحسنى في ذاتها. بلا حاجة إلى استحسان من الخلق ولا توقف على استحسانهم.
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)
والحسنى التي توحي بالحسن للقلوب وتفيضه عليها. وهي الأسماء التي يتدبرها المؤمن ليصوغ نفسه وفق إيحائها واتجاهها، إذ يعلم أن الله يحب له أن يتصف بها. وأن يتدرج في مراقيه وهو يتطلع إليها.
وخاتمة هذه التسبيحة المديدة بهذه الأسماء الحسنى، والسبحة البعيدة مع مدلولاتها الموحية وفي فيوضها العجيبة، هي مشهد التسبيح لله يشيع في جنبات الوجود، وينبعث من كل موجود:


الصفحة التالية
Icon