وفي أواخر هذه السورة الكريمة سورة الحشر، وقوله تعالى :﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرآن على جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ الله ﴾ [ الحشر : ٢١ ] ومثله قوله تعالى :﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذلك فَهِيَ كالحجارة أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الحجارة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنهار وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المآء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله ﴾ [ البقرة : ٧٤ ] وهذا هو عين الإدراك أشد من إدراك الإنسان.
وفي الحديث :﴿ لا يسمع صوت المؤذن من حجر ولا مدر ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة ﴾ فبم سيشهد إن لم يك مدركاً الأذان والمؤذن.
وعن إدراك الطير، قال تعالى عن الهدهد يخاطب نبي الله سليمان :﴿ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ ﴾ [ النمل : ٢٢ - ٢٤ ].
ففي هذا السياق عشر قضايا يدركها الهدهد ويفصح عنها لنبي الله سليمان.
الأولى : إدراكه أنه أحاط بما لم يكن في علم سليمان.
الثانية : معرفته لسبإ بعينها دون غيرهان ومجيؤه منها بنبأ يقين لا شك فيه.
الثالثة : معرفته لتولية المرأة عليهم مع إنكاره ذلك عليهم.
الرابعة : إدراكه ما أوتيته سبأ من متاع الدنيا من كل شيء.
الخامسة : أن لها عرشاً عظيماً.
السادسة : إدراكه ما هم عليه من السجود للشمس من دون الله.
السابعة : إدراكه أن هذا شرك بالله تعالى.
الثامية : أن هذا من تزيين الشيطان لهم أعمالهم.
التاسعة : أن هذا ضلال عن السبيل القويم.
العاشرة : أنهم لا يهتدون.


الصفحة التالية
Icon