وقد اقتنع سليمان بإدراك الهدهد لهذا كله فقال له :﴿ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الكاذبين ﴾ [ النمل : ٢٧ ].
وسلمه رسالة، وبعثه سفيراً إلى بلقيس وقومها :﴿ اذهب بِّكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فانظر مَاذَا يَرْجِعُونَ ﴾ [ النمل : ٢٨ ] وكانت سفارة موفقة جاءت به م مسلمين في قوله تعالى عنها :﴿ وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ [ النمل : ٤٤ ].
وكذلك ما جاء عن النملة في قوله تعالى :﴿ حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِي النمل قَالَتْ نَمْلَةٌ يا أيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾
[ النمل : ١٨ ] فقد أدركت مجيء الجيش، وأنه لسليمان وجنوده وأدركت كثرتهم، وأن عليها وعلى النمل أن يتجنبوا الطريق. ويدخلوا مساكنهم، وهذا الإدراك منها جعل سليمان عليه السلام يتبسم ضاحكاً من قولها. وأن لها قولاً علمه سليمان عليه السلام.
فقد جاء في اسنة إثبات إدراك الحيوانات للمغيبات فضلاً عن المشاهدات، كام في حديث الموطأ في فصل يوم الجمعة :" وإن فيه خلق آدم، وفيه أسكن الجنة " إلى قوله ﷺ " وفيه تقوم الساعة، وما من دابة في الأرض إلى وهي تصيح بأذنها من فجر يوم الجمعة حتى طلوع الشمس إشفاقاً من الساعة إلا الجن والإنس "، فهذا إدراك وإشفاق من الحيوان، وإيمان بالمغيب، وهو قيام الساعة وإشفاق من الساعة أشد من الإنسان.
وقصة الجمل الذي ندّ على أهله وخضع له ﷺ حتى قال الصديق : لكأنه يعلم إنك رسول الله. فقال ﷺ :" نعم إنه ما بين لابتيها إلا وهو يعلم أني رسول الله "


الصفحة التالية
Icon