وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ اتقوا الله ﴾
أي في كلِّ ما تأتونَ وما تذرونَ ﴿ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ أيْ أيُّ شيءٍ قدمَتْ من الأعمالِ ليومِ القيامةِ عبرَ عنْهُ بذلكَ لدنوِّهِ أو لأن الدنيا كيومٍ والآخرةُ هي غَدُهُ وتنكيرُهُ لتفخيمِه وتهويلِه كأنه قيلَ لغدٍ لا يُعرفُ كنهُهُ لغايةِ عظمِه، وأما تنكيرُ نفسٍ فلاستقلالِ الأنفسِ النواظرِ فيما قدَّمن لذلكَ اليومَ الهائلِ، كأنه قيلَ ولتنظُر نفسٌ واحدةٌ في ذلكَ.
﴿ واتقوا الله ﴾ تكريرٌ للتأكيدِ، أو الأولُ في أداءِ الواجباتِ كما يُشعرُ به ما بعدَهُ من الأمرِ بالعملِ، وهذا في تركِ المحارمِ كما يُؤذنُ بهِ الوعيدُ بقولِهِ تعالَى :﴿ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي من المعاصِي ﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين نَسُواْ الله ﴾ أي نَسُوا حقوقَهُ تعالَى وما قدرُوه حقَّ قدرِهِ ولم يراعُوا مواجبَ أوامرِهِ ونواهِيه حقَّ رعايتِهَا ﴿ فأنساهم ﴾ بسببِ ذلكَ ﴿ أَنفُسِهِمْ ﴾ أي جعلَهُم ناسينَ لها حتَّى لم يسمعُوا ما ينفعُها ولم يفعَلُوا ما يخلِّصُهَا أو أراهُم يومَ القيامةِ من الأهوالِ ما أنساهُم أنفسَهُم ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الفاسقون ﴾ الكاملونَ في الفسوقِ.
﴿ لاَ يَسْتَوِى أصحاب النار ﴾


الصفحة التالية
Icon