وإذا ناقشنا أقوال القائلين بتخصيص هذا العموم من إثبات التسبيح للجمادات ونحوها، لما وجدنا لهم وجهة نظر إلا أن الحس لم يشهد شيئاً من ذلك، وقد أوردنا الأمثلة على إثبات ذلك لسائر الأجناس، وتقدم تنبيه الشيخ على تأكيد ذلك بقوله تعالى :﴿ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٧٩ ] رداً على استبعاده.
ومن الأدلة القرآنية في هذا المقام، ما جاء في سياق قوله تعالى :﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ﴾ [ الإسراء : ٤٤ ]، جاء بعدها قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ القرآن جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾ [ الإسراء : ٤٥ ] وهذا نص يكذب المستدلين باحس. لأن الله تعالى أخبر بأنه جعل بين الرسول ﷺ في تلك الحالة، وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً يحجبه عنهم، وهذا الحجاب مستور عن أعينهم فلا يرون رسول الله ﷺ، لأنه محجوب عنهم، ولا يرون الحجاب لأنه مستور، وهذا هو الصحيح في هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon