أسراركم ؟ وقد قال ابراهيم لأبيه بعد أن وعده بالاستغفار "وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ" لأنه هو ولي التوفيق وكان ابراهيم وأصحابه يقولون في دعائهم "رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" (٤) في الآخرة الدائمة ويقولون أيضا "رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا" في الدنيا لأنهم يعذبوننا إذا تسلطوا علينا ليصرفونا عن ديننا، ولهذا فإنا نبرأ إليك منهم يا ربنا لا تجعل لهم علينا يدا "وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ"
الغالب لكل أحد "الْحَكِيمُ" (٥) بما يقع منك على عبادك "لَقَدْ كانَ لَكُمْ" أيها المؤمنون حاطب فمن دونه إلى يومنا هذا، وما بعد إلى قيام الساعة "فِيهِمْ" أي إبراهيم وأصحابه "أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" وقدوة جميلة نافعة "لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ" فيخاف عذابه ويأمل ثوابه أن يقتدي بهم لا بأفعال الكفار وما يؤدي إلى الكفر بأي قصد كان "وَمَنْ يَتَوَلَّ" عن نصح اللّه وارشاد رسله، ولم ينزجر عن موالاة الكافرين "فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ" عنه وعن غيره فليفعل ما يشاء وإن مرده إليه وهو يعلم كيف يعاقبه على ذلك، وهو "الْحَمِيدُ" (٦) لفعل أهل طاعته فيثيبهم ثوابا كريما فلما سمع المؤمنون هذه الآيات اشتدت عداوتهم لأقربائهم الكفار ووجدوا عليهم وتبرؤوا منهم، وأراد اللّه تعالى أن يطمعهم فيهم، فأنزل "عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ" من أقاربكم الكفار وغيرهم "مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ" على إنشاء المودة بينكم "وَاللَّهُ غَفُورٌ" لمن تاب منهم وأصلح "رَحِيمٌ" (٧) بعباده كلهم يحببهم بعضهم


الصفحة التالية
Icon