وهذه العادة التي ذكرتها أم عطيه موجودة حتى الآن في محافظة الفرات، حتى أن النائحة تقول (يا من تدبني دموع أبكاها اليوم تبكي لي وغدا ابكى لها) وكذلك يوجد كلمات من كلمات الجاهلية مثل (يا عزاه) وغيرها، وكذلك في أعراب البادية وبعض المدن، حتى ان الدروز إذا مات رجل معروف ألبسوا ثيابه خشبة وزينوا فرسه وصاروا يندبون عليه، الرجال والنساء، فيخمشون وجوههم ويسخمونها ويشقّون ثيابهم ويقصون شعورهم ويصيحون بالويل والثبور ويعددون صفات الميت بما فيه وما ليس فيه ويتقابلون بالسيوف، حتى ان نساء العراق يسلخن ثيابهن لحد الصّرة حالة الندب، وهناك عوائد أخرى من بقايا الجاهلية سنأتي على ذكرها في الآية الثانية فما بعدها من سورة النساء إن شاء اللّه، وقد ألمعنا إلى شيء منها في
الآية ١٣٦ من سورة الأنعام فما بعدها ج ٢، وإنما ذكرنا الضمير لأن الرجال يشتركون معهن عند موت كبير فيهم فيندبون ويثأرون بالسيوف والرماح.
ورويا عن ابن مسعود أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.
وأخرج أبو داود عن أسيد عن امرأة من المبايعات قالت كان فيما أخذ علينا رسول اللّه من المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه أن لا نخمش وجهها، ولا ندعو ويلا، ولا نشق جيبا، ولا ننشر شعرا.
وأخرج النسائي عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أخذ على النساء حين بايعهن أن لا ينحن، فقلن يا رسول اللّه نساء أسعدتنا في الجاهلية فنسعدهن، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لا إسعاد في الإسلام.
وروى مسلم عن مالك الأشعري قال : قلال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم البائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب.
وأخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : لعن رسول اللّه النائحة والمستمعة.


الصفحة التالية
Icon