كانوا في عصره وقريباً من عصره، وهذا القول أرجح لأنه لم يُروَ أن إبراهيم كان له أتباع مؤمنون في مكافحته نمروداً، وفي البخاري أنه قال لسارة حين رحل بها إلى الشام مهاجراً من بلد النمرود : ما على الأرض من يعبد الله غيري وغيرك، وهذه الأسوى مقيدة في التبري عن الإشراك وهو مطرد في كل ملة، وفي نبينا عليه السلام أسوة حسنة على الإطلاق لأنها في العقائد وفي أحكام الشرع كلها، وقرأ جمهور الناس " برءاء " على وزن فعلاء الهمزة الأولى لام الفعل، وقرأ عيسى الثقفي :" بِراء "، على وزن فِعال، بكسر الباء ككريم وكرام، وقرأ يزيد بن القعقاع :" بُراء " على وزن فُعال، بضم الفاء كنوام، وقد رويت عن عيسى قراءة، قال أبو حاتم : زعموا أنه عيسى الهمداني ويجوز :" بَراء " على المصدر بفتح الباء يوصف به الجمع والإفراد، وقوله :﴿ كفرنا بكم ﴾ أي كذبناكم في أقوالكم ولم نؤمن بشيء منها، ونظير هذا قوله عليه السلام حكاية عن قول الله عز وجل : فهو مؤمن بي كافر بالكوكب ولم تلحق العلامة في :﴿ بدا ﴾ لأن تأنيث ﴿ العداوة والبغضاء ﴾ غير حقيقي، ثم استثنى تعالى استغفار إبراهيم لأبيه، وذكر أنه كان عن موعدة وقد تفسر ذلك في موضعه، وهذا استثناء ليس من الأول، والمعنى عند مجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وغيرهم : أن الأسوة لكم في هذا الوجه، لا في هذا الآخر لأنه كان في علة ليست في نازلتكم، ويحتمل أن يكون استثناء من التبري والقطيعة التي ذكرت أي لم تبق صلة إلا كذا، وقوله تعالى :﴿ ربنا عليك توكلنا ﴾ الآية، حكاية عن قول إبراهيم والذين معه إنه هكذا كان.