واعلم أنه تعالى سماهن مؤمنات لصدور ما يقتضي الإيمان وهو كلمة الشهادة منهن، ولم يظهر منهن ما هو المنافي له، أو لأنهن مشارفات لثبات إيمانهن بالامتحان والامتحان وهو الابتلاء بالحلف، والحلف لأجل غلبة الظن بإيمانهن، وكان رسول الله ﷺ يقول للممتحنة :" بالله الذي لا إله إلا هو ما خرجت من بغض زوج، بالله ما خرجت رغبة من أرض إلى أرض، بالله ما خرجت التماس دنيا، بالله ما خرجت إلا حباً لله ولرسوله " وقوله :﴿الله أَعْلَمُ بإيمانهن﴾ منكم والله يتولى السرائر :﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ﴾ العلم الذي هو عبارة عن الظن الغالب بالحلف وغيره، ﴿فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار﴾ أي تردوهن إلى أزواجهن المشركين، وقوله تعالى :﴿لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَءاتُوهُم مَّا أَنفَقُواْ﴾ أي أعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور، وذلك أن الصلح عام الحديبية كان على أن من أتاكم من أهل مكة يرد إليهم، ومن أتى مكة منكم لم يرد إليكم، وكتبوا بذلك العهد كتاباً وختموه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة والنبي ﷺ بالحديبية، فأقبل زوجها مسافر المخزومي، وقيل : صيفي بن الراهب، فقال : يا محمد أردد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا شرطاً أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طية الكتاب لم تجف، فنزلت بياناً لأن الشرط إنما كان للرجال دون النساء.
وعن الزهري أنه قال : إنها جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي عاتق، فجاء أهلها يطلبون من رسول الله ﷺ أن يرجعها إليهم، وكانت هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها عمارة والوليد، فرد رسول الله ﷺ أخويها وحبسها فقالوا : أرددها علينا، فقال عليه السلام :


الصفحة التالية
Icon