وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات مُهَاجِرَاتٍ فامتحنوهن ﴾
فيه ست عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ المؤمنات ﴾ لما أمر المسلمين بترك مولاة المشركين اقتضى ذلك مهاجرة المسلمين عن بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، وكان التناكح من أوْكد أسباب الموالاة ؛ فبيّن أحكام مهاجرة النساء.
قال ابن عباس : جرى الصلح مع مشركي قريش عام الْحُدَيْبِية، على أن من أتاه من أهل مكة ردّه إليهم، فجاءت سعيدة بنت الحارث الأسلميّة بعدَ الفراغ من الكتاب، والنبيّ ﷺ بالحديبية بعدُ ؛ فأقبل زوجها وكان كافراً وهو صَيْفِيّ بن الراهب.
وقيل : مسافر المخزومي فقال : يا محمد، اردد عليّ امرأتي فإنك شرطت ذلك! وهذه طِينة الكتاب لم تَجِفّ بعدُ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقيل :" جاءت أمّ كُلْثُوم بنت عُقْبة بن أبي مُعَيْط، فجاء أهلها يسألون رسول الله ﷺ أن يردّها.
وقيل : هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها عِمارة والوليد، فردّ رسول الله ﷺ أخَوْيها وحبسها، فقالوا للنبيّ ﷺ : ردّها علينا للشرط، قال ﷺ :"كان الشرط في الرجال لا في النساء" " فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وعن عروة قال : كان مما اشترط سُهيل بن عمرو على النبيّ ﷺ يومَ الْحُدَيْبِيّة : ألاّ يأتيك منّا أحد وإن كان على دينك إلا رددتَه إلينا، حتى أنزل الله تعالى في المؤمنات ما أنزل ؛ يومىء إلى أن الشرط في ردّ النساء نُسخ بذلك.
وقيل : إن التي جاءت أمَيْمة بنت بشر، كانت عند ثابت بن الشِّمْراخ ففرّت منه وهو يومئذ كافر، فتزوّجها سَهْل بن حُنيف فولدت له عبد الله، قاله زيد بن حبيب.
كذا قال الماورديّ : أميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الشِّمْراخ.


الصفحة التالية
Icon