وقيل : إن علمتموهنّ مؤمنات قبل الامتحان ﴿ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ أي لم يحِلّ الله مؤمنة لكافر، ولا نكاح مؤمن لمشركة.
وهذا أدَلّ دليل على أن الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها إسلامُها لا هجرتها.
وقال أبو حنيفة : الذي فرّق بينهما هو اختلاف الدارين.
وإليه إشارة في مذهب مالك بل عبارة.
والصحيح الأول، لأن الله تعالى قال :﴿ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ فبيّن أن العلة عدم الحِلّ بالإسلام وليس باختلاف الدار.
والله أعلم.
وقال أبو عمر : لا فرق بين الدارين لا في الكتاب و لا في السنة ولا في القياس، وإنما المراعاة في ذلك الدينان، فباختلافهما يقع الحكم وباجتماعهما، لا بالدار.
والله المستعان.
السادسة : قوله تعالى :﴿ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ﴾ أمر الله تعالى إذا أُمسِكت المرأة المسلمة أن يُرَدّ على زوجها ما أنفق، وذلك من الوفاء بالعهد، لأنه لما مُنع من أهله بحرمة الإسلام، أمر برد المال ( إليه ) حتى لا يقع عليهم خسران من الوجهين : الزوجة والمال.
السابعة : ولا غُرْمَ إلا إذا طالب الزوج الكافر، فإذا حضر وطالب منعناها وغرمنا.
فإن كانت ماتت قبل حضور الزوج لم نَغرَم المهر إذ لم يتحقق المنع.
وإن كان المسمَّى خمراً أو خنزيراً لم نَغْرَم شيئاً، لأنه لا قيمة له.
وللشافعيّ في هذه الآية قولان : أحدهما أن هذا منسوخ.
قال الشافعيّ : وإذا جاءتنا المرأة الحرّة من أهل الهُدنَة مسلمة مهاجرة من دار الحرب إلى الإمام في دار السلام أو في دار الحرب، فمن طلبها مِن وَلِيٍّ سِوَى زوجها مُنع منها بلا عِوَض.
وإذا طلبها زوجها لنفسه أو غيره بوكالته ففيه قولان : أحدهما يعطي العِوض، والقول ما قال الله عز وجل.
وفيه قول آخر أنه لا يعطي الزوج المشرك الذي جاءت زوجته مسلمة العِوض.