وقال قتادة : كان هذا قبل أن تنزل سورة "براءة" بقطع العهود بينهم وبين المشركين.
والله أعلم.
الثانية عشرة : قوله تعالى :﴿ بِعِصَمِ الكوافر ﴾ المراد بالكوافر هنا عبدة الأوثان مَن لا يجوز ابتداءً نكاحها، فهي خاصة بالكوافر من غير أهل الكتاب.
وقيل : هي عامة، نسخ منها نساء أهل الكتاب.
ولو كان إلى ظاهر الآية لم تحل كافرة بوجه.
وعلى القول الأول إذا أسلم وثَنيّ أو مجوسيّ ولم تُسلم امرأته فرّق بينهما.
وهذا قول بعض أهل العلم.
ومنهم من قال : ينتظر بها تمام العدة.
فمن قال يفرّق بينهما في الوقت ولا ينتظر تمام العدة إذا عرض عليها الإسلام ولم تُسلم مالكُ بن أنس.
وهو قول الحسن وطاوس ومجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة والحَكَم، واحتجوا بقوله تعالى :﴿ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر ﴾.
وقال الزهري : ينتظر بها العدّة.
وهو قول الشافعي وأحمد.
واحتجوا بأن أبا سفيان بن حرب أسلم قبل هند بنت عتبة امرأته، وكان إسلامه بمرّ الظَّهْران ثم رجع إلى مكة وهند بها كافرة مقيمة على كفرها، فأخذت بلحيته وقالت : اقتلوا الشيخ الضّال.
ثم أسلمت بعده بأيام، فاستقرّا على نكاحهما لأن عدتها لم تكن انقضت.
قالوا : ومثله حكيم بن حِزام أسلم قبل امرأته، ثم أسلمت بعده فكانا على نكاحهما.
قال الشافعي : ولا حجة لمن احتج بقوله تعالى :﴿ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر ﴾ لأن نساء المسلمين محرّمات على الكفار ؛ كما أن المسلمين لا تحل لهم الكوافر والوثنيات ولا المجوسيات بقول الله عز وجل :﴿ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ ثم بيّنت السنة أن مراد الله من قوله هذا أنه لا يحل بعضهم لبعض إلا أن يسلم الباقي منهما في العدة.
وأما الكوفيون وهم سفيان وأبو حنيفة وأصحابه فإنهم قالوا في الكافرين الذّمييّن : إذا أسلمت المرأة عُرِض على الزوج الإسلام، فإن أسلم وإلا فُرّق بينهما.


الصفحة التالية
Icon