وينتقل الأمر من قبيلة إلى قبيلة بالولاء والنسب والحلف والنصرة، حتى صارت الإحن فاشية فتخاذلوا بينهم واستنصر بعض القبائل على بعض فوجد الفرس والروم مدخلاً إلى التفرقة بينهم فحكموهم وأرْهبوهم، وإلى هذا الإشارة والله أعلم بقوله تعالى :﴿واذكروا نعمة الله عليكم... حتى فأنقذكم منها﴾ [البقرة : ٢٣١] أي كنتم أعداء بأسباب الغارات والحروب فألف بينكم بكلمة الإسلام، وكنتم على وَشْك الهلاك فأنقذكم منه فضَرب مثلاً للهلاك العاجل الذي لا يُبقي شيئاً بحفرة النار فالقائم على حافتها ليس بينه وبين الهلاك إلاّ أقلُّ حركة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٣٤ ـ ١٣٥﴾
قوله تعالى :﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ ﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾ فمعناه : فرض عليكم فهذه اللفظة تقتضي الوجوب من وجهين : أحدهما : أن قوله تعالى :﴿كتب﴾ يفيد الوجوب في عرف الشرع قال تعالى :﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام﴾ وقال :﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت إِن تَرَكَ خَيْرًا الوصية﴾ [البقرة : ١٨٠] وقد كانت الوصية واجبة ومنه الصلوات المكتوبات أي المفردات، وقال عليه السلام :" ثلاث كتبن علي ولم تكتب عليكم " والثاني : لفظة ﴿عَلَيْكُمْ﴾ مشعرة بالوجوب كما في قوله تعالى :﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت﴾ [آل عمران : ٩٧] وأما القصاص فهو أن يفعل بالإنسان مثل ما فعل، من قولك : اقتص فلان أثر فلان إذا فعل مثل فعله، قال تعالى ﴿فارتدا على ءاثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف : ٦٤] وقال تعالى :﴿وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصّيهِ﴾ [القصص : ١١] أي اتبعي أثره، وسميت القصة قصة لأن بالحكاية تساوي المحكي، وسمي القصص لأنه يذكر مثل أخبار الناس، ويسمى المقص مقصاً لتعادل جانبيه.


الصفحة التالية
Icon