أَمَا فِي بَنِي حِصْننٍ من ابننِ كريهة... مِنَ القوْم طَلاَّببِ الترَّاتتِ غَشَمْشَمِ
فيَقتُلَ جَبْراً بامرىءٍ لم يكن له... بَوَاءً ولكن لا تَكايُلَ بالدَّم
قال النبي ﷺ " المسلمون تتكافأ دماؤهم ".
وقد ثبت بهذه الآية شرع القصاص في قتل العمد، وحكمة ذلك ردع أهل العدوان عند الإقدام على قتل الأنفس إذا علموا أن جزاءهم القتل، فإن الحياة أعز شيء على الإنسان في الجبلة فلا تعادل عقوبةٌ القتلَ في الردع والانزجار، ومن حكمة ذلك تطمين أولياء القتلى بأن القضاء ينتقم لهم ممَّن اعتدى على قتيلهم قال تعالى :﴿ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً﴾ [الإسراء : ٣٣] أي لئلا يتصدى أولياء القتيل للانتقام من قاتل مولاهم بأنفسهم ؛ لأن ذلك يفضي إلى صورة الحرب بين رهطين فيكثر فيه إتلاف الأنفس كما تقدم في الكلام على صدر الآية، ويأتي عند قوله تعالى :﴿ولكم في القصاص حياة﴾ [البقرة : ١٧٩].
وأول دم أقيد به في الإسلام دم رجل من هذيل قتله رجل من بني ليث فأقاد منه النبي ﷺ وهو سائر إلى فتح الطائف بموضع يقال له : بَحْرَةُ الرُّغَاء في طريق الطائف وذلك سنة ثمان من الهجرة.
و﴿في﴾ من قوله :﴿في القتلى﴾، للظرفية المجازية والقصاص لا يكون في ذوات القتلى، فتعين تقدير مضاف وحذفُه هنا ليشمل القصاص سائر شؤون القتلى وسائر معاني القصاص فهو إيجاز وتعميم.
وجمع ﴿القتلى﴾ باعتبار جمع المخاطبين أي في قتلاكم، والتعريف في القتلى تعريف الجنس، والقتيل هو من يقتله غيره من الناس والقتل فعل الإنسان إماتة إنسان آخر فليس الميت بدون فعل فاعل قتيلاً.