ما وجه تخصيص الأنثى بعد قوله تعالى :﴿الحر بالحر والعبد بالعبد﴾ ؟ وهل تخرج الأنثى عن كونها حرة أو أمة بعد ما تبين أن المراد بالحر والعبد الجنسان ؛ إذ ليس صيغة الذكور فيها للاحتراز عن النساء منهم ؛ فإن (ال) لمّا صيرته اسم جنس صار الحكم على الجنس وبطل ما فيه من صيغة تأنيث كما يبطل ما فيه من صيغة جمع إن كانت فيه.
ولأجل هذا الإشكال سألت العلامة الجد الوزير رحمه الله عن وجه مجيء هذه المقابلة المشعرة بألا يقتص من صنف إلاّ لقتل مماثله في الصفة فترك لي ورقة بخطه فيها ما يأتي : الظاهر والله تعالى أعلم أن الآية (يعني آية سورة المائدة) نزلت إعلاماً بالحكم في بني إسرائيل تأنيساً وتمهيداً لحكم الشريعة الإسلامية، ولذلك تضمنت إناطة الحكم بلفظ النفس المتناول للذكر والأنثى الحر والعبد الصغير والكبير، ولم تتضمن حكماً للعبيد ولا للإناث، وصدرت بقوله ﴿وكتبنا عليهم فيها﴾ [المائدة : ٤٥]، والآية الثانية (يعني آية سورة البقرة) صدرت بقوله :﴿كتب عليكم﴾ وناط الحكم فيها بالحرية المتناولة للأصناف كلها ثم ذكر حكم العبيد والأناث رداً على من يزعم أنه لا يقتص لهم، وخصص الأنثى بالأنثى للدلالة على أن عدمها معصوم، وذلك لأنه إذا اقتص لها من الأنثى ولم يقتص لها من الذكر صار الدم معصوماً تارة لذاته غير معصوم أخرى وهذا من لطف التبليغ حيث كان الحكم متضمناً لدليله، فقوله : كتب القتل والقتال علينا... وعلى الغانيات جر الذيول
حكم جاهلي اه.