يعني أن الآية لم يقصد منها إلاّ إبطال ما كان عليه أمر الجاهلية من ترك القصاص لشرف أو لقلة اكتراث، فقصدت التسوية بقوله ﴿الحر بالحر والعبد بالعبد﴾ أي لا فضل لحر شريف على حر ضعيف ولا لعبيد السادة على عبيد العامة وقصدت من ذكر الأنثى إبطال ما كان عليه الجاهلية من عدم الاعتداد بجناية الأنثى واعتبارها غير مؤاخذة بجناياتها، وأراد بقوله : حكم جاهلي أنه ليس جارياً على أحكام الإسلام ؛ لأن البيت لعمر ابن أبي ربيعة وهو شاعر إسلامي من صدر الدولة الأموية.
فإن قلت : كان الوجه ألا يقول :﴿بالأنثى﴾ المشعر بأن الأنثى لا تقتل بالرجل مع إجماع المسلمين على أن المرأة يقتص منها للرجل. قلت : الظاهر أن القيد خرج مخرج الغالب، فإن الجاري في العرف أن الأنثى لا تقتل إلاّ أنثى، إذ لا يتثاور الرجال والنساء فذكر ﴿بالأنثى﴾ خارج على اعتبار الغالب كمخرج وصف السائمة في قول النبي ﷺ " في الغنم السائمة الزكاة " والخلاصة أن الآية لا يلتئم منها معنى سليم من الإشكال إلاّ معنى إرادة التسوية بين الأصناف لقصد إبطال عوائد الجاهلية. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٣٨ ـ ١٣٩﴾
سؤال : قوله تعالى :﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ هذه الآية تدل بظاهرها على أن القصاص أمر حتم لابد منه بدليل قوله تعالى كتب عليكم لأن معناه فرض وحتم عليكم مع أنه تعالى ذكر أيضا أن القصاص ليس بمتعين لأن ولي الدم بالخيار في قوله تعالى :﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ الآية. والجواب ظاهر وهو أن فرض القصاص إلزامه فيما إذا لم يعف أولياء الدم أو بعضهم، كما يشير إليه قوله تعالى :﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ الآية. أ هـ ﴿دفع إيهام الاضطراب صـ ٣٥﴾
فائدة
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon