وأجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدّى على أحدٍ من رعيّته، إذ هو واحد منهم ؛ وإنما له مَزِيّة النظر لهم كالوصيّ والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص، وليس بينهم وبين العامّة فرق في أحكام الله عز وجل ؛ لقوله جل ذكره :﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى﴾، وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملاً قطع يده : لئن كنت صادقاً لأقيدنّك منه. وروى النّسائي عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال :" بينا رسول الله ﷺ يَقسم شيئاً إذ أكبّ عليه رجل، فطعنه رسول الله ﷺ بعُرجون كان معه، فصاح الرجل ؛ فقال له رسول الله ﷺ :" تعال فاستقد". قال : بل عفوت يا رسول الله " وروى أبو داود الطيالسي عن أبي فراس قال : خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : أَلاَ مَن ظلمه أميره فليرفع ذلك إليّ أقيده منه. فقام عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين، لئن أدّب رجل منا رجلاً من أهل رعيّته لتقصنّه منه ؟ قال : كيف لا أقصّه منه وقد رأيت رسول الله ﷺ يقصّ من نفسه!. ولفظ أبي داود السّجستانيّ عنه قال : خطبنا عمر بن الخطاب فقال : إني لم أبعث عُمّالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم ؛ فمن فعل ذلك به فليرفعه إليّ أقصّه منه. وذكر الحديث بمعناه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٢٥٧﴾


الصفحة التالية