والمبايعة وقعت غير مرة ووقعت في مكة بعد الفتح وفي المدينة ؛ وممن بايعنه عليه الصلاة والسلام في مكة هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، ففي حديث أسماء بنت يزيد بن السكن كنت في النسوة المبايعات وكانت هند بنت عتبة في النساء فقرأ ﷺ عليهن الآية فلما قال :﴿ على أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بالله شَيْئاً ﴾ قالت هند : وكيف نطمع أن يقبل منا ما لم يقبله من الرجال؟ يعني أن هذا بين لزومه فلماقال ﴿ وَلاَ يَسْرِقْنَ ﴾ قالت : والله إني لأصيب الهنة من مال أبي سفيان لا يدري أيحل لي ذلك؟ فقال أبو سفيان : ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر هو لك حلال ؛ فضحك رسول الله ﷺ وعرفها فقال لها : وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت : نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك، فقال : ولا ﴿ يَزْنِينَ ﴾ فقالت : أو تزني الحرة؟ تريد أن الزنا في الإماء بناءاً على ما كان في الجاهلية من أن الحرة لا تزني غالباً وإنما يزني في الغالب الإماء، وإنما قيد بالغالب لما قيل : إن ذوات الريات كن حرائر، فقال :﴿ وَلاَ يَقْتُلْنَ أولادهن ﴾ فقالت : ربيناهم صغاراً وقتلتهم كباراً تعني ما كان من أمر ابنها حنظلة بن أبي سفيان فإنه قتل يوم بدر فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول الله ﷺ وفي رواية أنها قالت : قتلت الآباء وتوصينا بالأولاد؟ا فضحك ﷺ، فقال :﴿ وَلاَ يَأْتِينَ ببهتان ﴾ فقالت : والله إن البهتان لأمر قبيح ولا يأمر الله تعالى إلا بالرشد ومكارم الأخلاق، فقال :﴿ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ ﴾ فقالت : والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء وكأن هذا منها دون غيرها من النساء لمكان أم حبيبة رضي الله تعالى عنها من رسول الله ﷺ مع أنها حديثة عهد بجاهلية، ويروى أن أول من بايع النبي ﷺ من النساء أم سعد بن معاذ.