وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ﴾
لما ذكر سبحانه حكم فريقي الكافرين في جواز البرّ، والإقساط للفريق الأوّل دون الفريق الثاني ذكر حكم من يظهر الإيمان، فقال :﴿ ياأيها الذين ءامَنُواْ إِذَا جَاءكُمُ المؤمنات مهاجرات ﴾ من بين الكفار، وذلك أن النبيّ ﷺ لما صالح قريشاً يوم الحديبية على أن يردّ عليهم من جاءهم من المسلمين، فلما هاجر إليه النساء أبى الله أن يرددن إلى المشركين، وأمر بامتحانهنّ فقال :﴿ فامتحنوهن ﴾ أي : فاختبروهنّ.
وقد اختلف فيما كان يمتحنّ به، فقيل : كان يستحلفهن بالله ما خرجن من بغض زوج، ولا رغبة من أرض إلى أرض، ولا لالتماس دنيا بل حباً لله ولرسوله، ورغبة في دينه، فإذا حلفت كذلك أعطى النبيّ ﷺ زوجها مهرها، وما أنفق عليها، ولم يردّها إليه، وقيل : الامتحان هو أن تشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وقيل : ما كان الامتحان إلاّ بأن يتلو عليهنّ رسول الله ﷺ الآية، وهي ﴿ يأَيُّهَا النبى إِذَا جَاءكَ المؤمنات ﴾ إلى آخرها.
واختلف أهل العلم هل دخل النساء في عهد الهدنة أم لا؟ على قولين، فعلى القول بالدخول تكون هذه الآية مخصصة لذلك العهد، وبه قال الأكثر.
وعلى القول بعدمه لا نسخ، ولا تخصيص.


الصفحة التالية
Icon