﴿ الله أَعْلَمُ بإيمانهن ﴾ هذه الجملة معترضة لبيان أن حقيقة حالهنّ لا يعلمها إلاّ الله سبحانه، ولم يتعبدكم بذلك، وإنما تعبدكم بامتحانهنّ حتى يظهر لكم ما يدلّ على صدق دعواهنّ في الرغوب في الإسلام ﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مؤمنات ﴾ أي : علمتم ذلك بحسب الظاهر بعد الامتحان الذي أمرتم به ﴿ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار ﴾ أي : إلى أزواجهنّ الكافرين، وجملة ﴿ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ تعليل للنهي عن إرجاعهنّ.
وفيه دليل على أن المؤمنة لا تحلّ لكافر، وأن إسلام المرأة يوجب فرقتها من زوجها لا مجرّد هجرتها، والتكرير لتأكيد الحرمة، أو الأوّل لبيان زوال النكاح، والثاني لامتناع النكاح الجديد ﴿ وآتوهم ما أنفقوا ﴾ أي : وأعطوا أزواج هؤلاء اللاتي هاجرن وأسلمن مثل ما أنفقوا عليهنّ من المهور.
قال الشافعي : وإذا طلبها غير الزوج من قراباتها منع منها بلا عوض.
﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ ﴾ لأنهنّ قد صرن من أهل دينكم ﴿ إذا آتيتموهنّ أجورهنّ ﴾ أي : مهورهنّ، وذلك بعد انقضاء عدّتهنّ، كما تدلّ عليه أدلة وجوب العدة ﴿ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر ﴾ قرأ الجمهور :﴿ تمسكوا ﴾ بالتخفيف من الإمساك، واختار هذه القراءة أبو عبيد، لقوله :﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [ البقرة : ٢٣١ ]، وقرأ الحسن، وأبو العالية، وأبو عمرو بالتشديد من التمسك، والعصم جمع عصمة، وهي ما يعتصم به، والمراد هنا عصمة عقد النكاح.
والمعنى أن من كانت له امرأة كافرة، فليست له بامرأة لانقطاع عصمتها باختلاف الدين.
قال النخعي : هي المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر، وكان الكفار يزوّجون المسلمين، والمسلمون يتزوّجون المشركات، ثم نسخ ذلك بهذه الآية، وهذا خاص بالكوافر المشركات دون الكوافر من أهل الكتاب.
وقيل : عامة في جميع الكوافر مخصصة بإخراج الكتابيات منها.