وقال ابن عاشور :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ﴾
هذه تكملة لامتحان النساء المتقدم ذكره في قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ﴾ الآية [ الممتحنة : ١٠ ].
وبيان لتفصيل آثاره.
فكأنه يقول : فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفار وبَينُوا لهن شرائع الإِسلام.
وآية الامتحان عقب صلح الحديبية في شأن من هاجرن من مكة إلى المدينة بعد الصلح وهن : أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وسبيعة الأسلمية، وأميمة بنت بشر، وزينب بنت رسول الله ﷺ فلا صحة للأخبار التي تقول : إن الآية نزلت في فتح مكة ومنشؤها التخليط في الحوادث واشتباه المكرر بالآنف.
روى البخاري ومسلم عن عائشة : أن رسول الله ﷺ كان يمتحن من هاجر من المؤمنات بهذه الآية ﴿ يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ﴾ إلى قوله :﴿ غفور رحيم ﴾ فمن أقرّ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله : قد بايعتُككِ.
والمقتضى لهذه البيعة بعد الإِمتحان أنهن دخلن في الإِسلام بعد أن استقرت أحكام الدين في مدة سنين لم يشهدن فيها ما شهده الرجال من اتساع التشريع آنا فآنا، ولهذا ابتدئت هذه البيعة بالنساء المهاجرات كما يؤذن به قوله :﴿ إذا جاءك المؤمنات ﴾، أي قدمن عليك من مكة فهي على وزان قوله :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ﴾ [ الممتحنة : ١٠ ].
قال ابن عطية : كانت هذه البيعة ثاني يوم الفتح على جبل الصفا.
وأجرى النبي ﷺ هذه البيعة على نساء الأنصار أيضاً.
روى البخاري عن أم عطية قالت : بايَعَنا رسول الله ﷺ فقرأ علينا ﴿ أن لا يشركن بالله شيئاً ﴾ الحديث.


الصفحة التالية
Icon