فصل
قال الفخر :
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴾
معناه اذكر لقومك هذه القصة، و ﴿إِذْ﴾ منصوب بإضمار اذكر أي حين قال لهم :﴿تُؤْذُونَنِى﴾ وكانوا يؤذونه بأنواع الأذى قولاً وفعلاً، فقالوا :﴿أَرِنَا الله جَهْرَةً﴾ [ النساء : ١٥٣ ]، ﴿لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ واحد﴾ [ البقرة : ٦١ ] وقيل : قد رموه بالأدرة، وقوله تعالى :﴿وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنّى رَسُولُ الله﴾ في موضع الحال، أي تؤذونني عالمين علماً قطعياً أني رسول الله وقضية علمكم بذلك موجبة للتعظيم والتوقير، وقوله :﴿فَلَمَّا زَاغُواْ﴾ أي مالوا إلى غير الحق ﴿أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ﴾ أي أمالها عن الحق، وهو قول ابن عباس وقال مقاتل :﴿زَاغُواْ﴾ أي عدلوا عن الحق بأبدانهم ﴿أَزَاغَ الله﴾ أي أمال الله قلوبهم عن الحق وأضلهم جزاء ما عملوا، ويدل عليه قوله تعالى :﴿والله لاَ يَهْدِى القوم الفاسقين﴾ قال أبو إسحق معناه : والله لا يهدي من سبق في عمله أنه فاسق، وفي هذا تنبيه على عظيم إيذاء الرسول ﷺ حتى إنه يؤدي إلى الكفر وزيغ القلوب عن الهدى ﴿وَقَدْ﴾ معناه التوكيد كأنه قال : وتعلمون علماً يقينياً لا شبهة لكم فيه.
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ