قوله :﴿إِنّى رَسُولُ الله﴾ أي اذكروا أني رسول الله أرسلت إليكم بالوصف الذي وصفت به في التوراة ومصدقاً بالتوراة وبكتب الله وبأنبيائه جميعاً ممن تقدم وتأخر ﴿وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ﴾ يصدق بالتوراة على مثل تصديقي، فكأنه قيل له : ما اسمه ؟ فقال : اسمه أحمد، فقوله :﴿يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ﴾ جملتان في موضع الجر لأنهما صفتان للنكرة التي هي رسول، وفي ﴿بَعْدِي اسمه﴾ قراءتان تحريك الياء بالفتح على الأصل، وهو الاختيار عند الخليل وسيبويه في كل موضع تذهب فيه الياء لالتقاء ساكنين وإسكانها، كما في قوله تعالى :﴿وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ﴾ [ نوح : ٢٨ ] فمن أسكن في قوله :﴿مِن بَعْدِي اسمه﴾ حذف الياء من اللفظ لالتقاء الساكنين، وهما الياء والسين من اسمه، قاله المبرد وأبو علي، وقوله تعالى :﴿أَحْمَدُ﴾ يحتمل معنيين أحدهما : المبالغة في الفاعل، يعني أنه أكثر حمداً لله من غيره وثانيهما : المبالغة من المفعول، يعني أنه يحمد بما فيه من الإخلاص والأخلاق الحسنة أكثر ما يحمد غيره.


الصفحة التالية
Icon