وقال ملا حويش :
تفسير سورة الصّف
عدد ٢٣ و١٠٩ - ٦١ نزلت بالمدينة بعد سورة التغابن وهي أربع عشرة آية ومثنان وإحدى وعشرون كلمة، وتسعمئة حرف، لا ناسخ ولا منسوخ فيها، وبينا السّور المبدوءة بما بدئت به أول سورة الحديد المارة، ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به ولا مثلها في عدد الآي.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى "سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" من شيء "وَهُوَ الْعَزِيزُ" المنيع الجانب القاهر كلّ شيء على تسبيحه وتنزيهه طوعا أو كرها قالا أو حالا، راجع الآية ٤٥ من سورة الإسراء ج ١ وأول سورة الحديد المارة "الْحَكِيمُ" (١) بأفعاله وأوامره ونواهيه فلا يخلق إلّا عن حكمه، ولا يأمر إلّا بحكمة، ولا يفعل إلّا لحكمة، قال عبد اللّه بن سلام قعدنا نفرا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فتذاكرنا، فقلنا لو نعلم أي الأعمال أحب إلى اللّه لعملناها، وكانت نزلت آية الجهاد العاشرة من سورة التحريم المارة، وتباطأ بعضهم عنه، وكان يتمنى نزول الأمر بالجهاد، فأنزل اللّه "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ" (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ"
(٣) وكان من عادة العرب الّذين هم عرب يفعلون ولا يقولون فيقضون حوائج المحتاجين ودين المدينين ونصرة المظلومين ولا يدرى بهم، ثم قلت المروءة عند بعضهم فصاروا يفعلون ويقولون، ثم تدانوا وتخاسسوا فصاروا لا يقولون ولا يفعلون، ثم تدنت نفوسهم ورذلت فصاروا يقولون ولا يفعلون، فذمهم اللّه تعالى في هذه الآية وأنبهم بأن القول بلا فعل مما يوقع العبد في غضب اللّه ويبعده عنه، ومن هذا القبيل من يعد بشيء وبقوله ولا يفعله، ومن يتعهد ولا يوفي، ويحلف ويخلف، ويواثق وينكث.


الصفحة التالية
Icon