وكل ما ذكروه في سببها صالح للسببية قول بعضهم لو ندري أحب الأعمال إلى الله لاجتهدنا فيه ثم ولّوا يوم أحد، وتوانى بعضهم في الجهاد، وكون " صهيب ـ رضى الله عنه ـ قتل يوم بدر رجلاً آذى المسلمين وأنكى فيهم وادعى غيره أنه قتله فأعجب رسول الله ـ ﷺ ـ فقال عمر وعبد الرحمن بن عوف لصهيب ـ رضى الله عنه ـ م : أخبر رسول الله ـ ﷺ ـ أنك قتلته، فقال صهيب ـ رضى الله عنه ـ :" إنما قتلته لله ولرسوله، فأخبر عمر وعبد الرحمن ـ رضى الله عنهما ـ النبي ـ ﷺ ـ فقال : أكذلك أبا يحيى، فقال : نعم يا رسول الله " والتزام المنافقين أحكام الإسلام، وتخلفهم إخلافاً في الأمور العظام، وكذا قصة حاطب ـ رضى الله عنه ـ.
ولما عظم ما يكرهه بعد ما ألهب به من تنزيه غير العاقل، فكان العاقل جديراً بأن يسأل عما يحبه لينزهه به، قال ذاكراً الغاية التي هي أم جامعة لكل ما قبلها من المحاسن، مؤكداً لأن الخطاب مع من قصر أو هو في حكمه :﴿إن الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿يحب﴾ أي يفعل فعل المحب مع ﴿الذين يقاتلون﴾ أي يوقعون القتال ﴿في سبيله﴾ أي بسبب تسهيل طريقه الموصلة إلى رضاه إيقاعاً مظروفاً للسبيل، لا يكون شيء منه كشيء خارج عنه، فيقاتلون أعداء الدين من الشيطان بالذكر القلبي واللسان، والإنسان بالسيف والسنان ﴿صفاً﴾ أي مصطفين حتى كأنهم في اتحاد المراد على قلب واحد كما كانوا في التساوي في الاصطفاف كالبدن الواحد.